منقول قصة عبدالله بن المبارك رحمه الله والمرأة العجوز
مُساهمة من طرف عاشق المستحيل في الجمعة 21 يناير 2011 - 13:00
: قال عبدالله بن المبارك رحمه الله: خرجت حاجاً إلى بيت الله الحرام
وزيارة قبر نبيه صلى الله عليه وسلم , فبينما أنا في بعض الطريق إذا أنا
بسواد على الطريق , فتميزت ذلك , فإذا هي عجوز عليها درع من صوف وخمار من
صوف, فقلت: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, فقالت: { سلام قولاً من رب
رحيم } [يس:58] , قال: فقلت لها: يرحمك الله ما تصنعين في هذا المكان؟
قالت:{ومن يضلل الله فلا هادي له} [الأعراف:186], فعلمت أنها ضالة عن
الطريق, فقلت لها: أين تريدين؟ قالت:{ سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من
المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى } [الإسراء:1] , فعلمت أنها قد قضت حجها
وهي تريد بيت المقدس, فقلت لها:أنت منذ كم في هذا الموضع؟ قالت:{ ثلاث
ليال سوياً } , فقلت: ما أرى معك طعاماً تأكلين؟ قالت : {هو يطعمني ويسقين
} [ الشعراء:79] , فقلت : فبأي شيء تتوضئين؟ قالت : { فإن لم تجدوا ماء
فتيمموا صعيداً طيباً } [النساء: 43] , فقلت لها : إن معي طعاماً فهل لك
في الأكل؟ قالت : { ثم أتموا الصيام إلى الليل } [ البقرة:187] , فقلت:
ليس هذا شهر رمضان, قالت:{ ومن تطوع خيراً فإن الله شاكر عليم } [البقرة:
158], فقلت : قد أبيح لنا الإفطار في السفر, قالت : { وأن تصوموا خير لكم
إن كنتم تعلمون} [البقرة: 184], فقلت: لم لا تكلميني مثل ما أكلمك؟ قالت:
{ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد } [ق:18] , فقلت من أي الناس أنت؟
قالت: { ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان
عنه مسئولاً } [الإسراء:86] , فقلت: قد أخطأت فاجعليني في حل , قالت: { لا
تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم } [يوسف:92] , فقلت: فهل لكِ أن أحملك
على ناقتي هذه فتدركي القافلة , قالت : { وما تفعلوا من خير يعلمه الله }
[البقرة:197] , قال: فأنخت ناقتي , قالت: { قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم
}[ النور:30] , فغضضت بصري وقلت لها : اركبي فلما أرادت أن تركب نفرت
الناقة فمزقت ثيابها فقالت: { وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم
}[الشورى :30] , فقلت لها : اصبري حتى أعقلها , قالت:{ ففهمناها سليمان }
[الأنبياء:79] , فعقلت الناقة وقلت لها: اركبي فلما ركبت قالت:{ سبحان
الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون}
[الزخرف:13,14] , قال:فأخذت بزمام الناقة , وجعلت أسعى وأصيح, فقالت:{
واقصد في مشيك واغضض من صوتك }[لقمان:19] , فجعلت أمشي رويداً رويداً و
أترنم بالشعر , فقالت:{ فاقرؤوا ما تيسر من القرآن }[المزمل:20] , فقلت
لها: لقد أوتيت خيراً كثيراً , قالت:{وما يذكر إلا أولو
الألباب}[البقرة:269] , فلما مشيت قليلاً قلت لها ألكِ زوج ؟ قالت:{ يأيها
الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم}[المائدة:101], فسكت ولم
أكلمها حتى أدركت بها القافلة , فقلت لها: هذه القافلة فمن لكِ فيها؟
فقالت:{ المال و البنون زينة الحياة الدنيا}[الكهف:46], فعلمت أن لها
أولاداً, فقلت:وما شأنهم في الحج؟ قالت:{ وعلامات وبالنجم هم
يهتدون}[النمل:16], فعلمت أنهم أدلاء الركب, فقصدت بها القباب و العمارات,
فقلت:هذه القباب من لكِ فيها؟ قالت:{ واتخذ الله إبراهيم خليلاً وكلم الله
موسى تكليما} {يا يحيى خذ الكتاب بقوة}[مريم:12], فناديت يا إبراهيم يا
موسى يا يحيى فإذا أنا بشبان كأنهم الأقمار قد أقبلوا, فلما استقر بهم
الجلوس, قالت: { فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة فلينظر أيها أزكى
طعاماً فليأتكم برزق منه} [الكهف:19], فمضى أحدهم فاشترى طعاماً فقدموه
بين يدي, فقالت:{ كلوا واشربوا هنيئاً بما أسلفتم في الأيام
الخالية}[الحاقة:24], فقلت: الآن طعامكم عليّ حرام حتى تخبروني بأمرها,
فقالوا: هذه أمنا لها منذ أربعين سنة لم تتكلم إلا بالقرآن مخافة أن تزل
فيسخط منها الرحمن...فسبحان القادر على ما يشاء, فقلت:{ ذلك فضل الله
يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم }[الجمعة:4], ...
جعلنا الله وإياكم ممن يتكلم بكل خير ويمسك عن كل شر.. وصلى الله وسلم على رسولنا المجتبى ونبينا المصطفى وعلى آله وصحبه أجمعين,